صادرة عن لجنة التربية في تيار المجتمع المدني
في سياق النقاش المرتبط بمدى إمكانية فتح المدارس في العام الدراسي المقبل، وسط الانتشار المُخيف لفيروس كورونا، وبهدف حماية العام الدراسي من الضياع الذي من شأنه أن يُشكل خطراً على مستقبل العملية التربوية ومستواها، وبالتالي مستقبل التلاميذ. ودون المخاطرة بالأمن الصحي المجتمعي، والذي يمكن أن يتأثّر بشكلٍ كبير بالفتح غير المدروس للمؤسسات التربوية، يهم لجنة التربية في تيار المجتمع المدني سوق بعض الملاحظات والتوصيات التي تراها ضروريةً لضمان عام دراسي مثمر، بالتوازي مع الحماية الصحية الملائمة التي تمنع أو تحدّ من انتشار الفيروس:
لمّا كان الإختلاط في المدارس، ولا سيما بين صغار السن من التلاميذ، أمراً لا يمكن تفاديه، وبذكلك تُعتبر المدارس من الأمكنة الأكثر إحتمالاً لإنتشار الفيروس من مختلف المؤسسات الاجتماعيّة. ترى اللجنة أنه لا يُمكن بدء العام الدراسي حضوريًّا إلا إذا انحسر الفيروس إلى حدودٍ مقبولة، أو تمّ اعتماد لقاح فعّال تُقرّهُ منظمة الصحة العالمية، أو وُجد العلاج المناسب للوباء. وفي حال انتفاء كل ذلك ،ومع إقرارنا بأن التعليم الحضوري هو الأجدى، يصبح الحلّ الأضمن في هكذا حالة يكون باعتماد التعليم عن بعد كليّاً، خاصةً للمراحل ما دون الثانويّة.
سواء كان واقع الوباء يسمح بالتعليم المدمج أو يفرض التعليم عن بُعد كُليّاً، فإن ذلك يُرتّب مسؤولياتٍ كبيرةٍ على وزارة التربية والمركز التربوي للبحوث والإنماء وباقي الجهات الرسميّة المختصة لجهة تأمين متطلبات التعليم عن بعد، بالحد الذي يشكّل إضافة إيجابية للتعليم الجزئي في المدرسة، ما يضمن نجاح العام الدراسي ويحمي المكتسبات العلمية، الثقافية والتربوية المتراكمة للتلامذة. وذلك يتطلّب اعتماد آليات واتخاذ إجراءات تضمن المساواة بين التلاميذ، فتحول دون ربط تعليمهم عن بعد بالحالة المادية لأهلهم، واهم هذه المتطلبات:
- تأمين الموارد التربويّة والبرامج كما الكتب الالكترونيّة والمنصّات والتطبيقات المجانيّة.
- تامين التيار الكهربائي خلال الفترة الصباحية على الأقل، كون الاشتراك في المولدات الخاصّة غير متاح للجميع.
- تأمين خدمة الانترنت السريع والمجاني الذي تحتاجه عملية التعليم عن بعد .
- تزويد التلاميذ والأساتذة بالتجهيزات اللازمة: الكمبيوتر أو اللوح الالكتروني أو غيرها، حيثُ ابدت بعض الجهات الداعمة رغبتها في المساعدة على تأمينها سواء كهبةٍ أو على سبيل الاعارة.
أما في حال تمّ اعتماد التعليم الحضوري الكامل أو التعليم المدمج، كخيار متناسب مع انحسار الفيروس، يجب دعم الدولة، أو استدراج الدعم الخارجي، لتأمين لوازم العملية التربويّة، من كتبٍ وحقائب وقرطاسيّة، بالأسعار المناسبة لجميع الفئات الإجتماعيّة.
تدريب الأساتذة والتلاميذ والأهل إذا اقتضى الأمر، على التقنيات الأساسية اللازمة لضمان نجاح التعليم عن بعد. علمًا ان هذا التدبير لن يُشكل عائقًا كون معظم التلاميذ لديهم خبرة استعمال الكمبيوتر او الهاتف وبالتالي المتابعة الصحيحة.
تقليص المنهج، بما يُسهّل عملية التعليم عن بعد، ويتناسب مع الوقت المحدود الذي يمكن تخصيصه للمتابعة المدرسيّة، ومع الواقع الإستثنائي الذي تمرّ به البلاد على كافّة الصعد والمستويات.
ولضمان الجودة التعليمية في حال إعتماد خيار التعليم عن بعد جزئيّاً أو كليّاً، وتحقيقًا لعام دراسي منتج، لا بُدّ من إعتماد التقييم الحضوري الفصلي، ولا صعوبة أو خطورة في ذلك كون الحضور إلى المدرسة سيقتصر على أيام محدودة. على أن تؤخذ بعين الاعتبار مسألة التباعد. وعلى أساس هذا التقييم يتم الترفيع من عدمه إلى العام الدراسي المقبل، الأمر الذي سيمنع التراخي وسيدفع التلاميذ وأهاليهم إلى إعطاء التعليم عن بعد مزيداً من الاهتمام.
إنجاز ترميم وتجهيز المدارس التي تضرّرت بسبب إنفجار المرفأ في 4 آب قبل انطلاق العام الدراسي.
اتخاذ الإجراءات وتأمين التجهيزات اللازمة لاستيعاب تدفّق التلاميذ المحتمل من التعليم الخاص إلى التعليم الرسمي، من فتحٍ للشعب الجديدة وتأمين وتدريب الكادر التعليمي اللازم، وفتح المدارس الرسميّة المغلقة إذا اقتضت الضرورة.
يبقى أن نُشدّد على أهمية ان تقوم الجهات الرقابية والقضائية المختصة بوضع يدها على كلّ الملفات التي تشكل مادةً للتجاذب والإتهام بالفساد والتقصير وهدر المال العام بين وزارة التربية من جهة، والمركز التربوي من جهة ثانية، واتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة. آملين من الجهتين التفرّغ للقيام بالمسؤوليات الملقاة على عاتقهما، واستثمار الوقت في التحضير للعام الدراسي المقبل، في ظل هذه الظروف الإستثنائية.
أخيرًا تعتبر لجنة التربية في تيار المجتمع المدني أن الحفاظ على مستوى جيد من التعليم للاجيال الصاعدة في ظل هكذا جائحة، يحفظ ما وصلت اليه الشعوب من تطورٍ وتحضرّ، هو مسؤولية دول العالم جمعاء، وكذلك المنظمات والهيئات المتخصّصة. لذا لابُدّ من تسخير كلّ امكانات الدولة ومؤسساتها والمنظمات غير الحكومية المحليّة والدوليّة المتخصصة، إضافة إلى الدول المستعدة للدعم والمساندة، في سبيل إنطلاق العام الدراسي الجديد في موعده تأمينًا لإنتظام العملية التربويّة وضمانًا لأهدافها المرجوّة.
لجنة التربية في تيار المجتمع المدني
الاثنين 31 آب 2020