يستحق ابن خلدون، ذلك المفكر العظيم، أن نردّ له الجميل ولو ببضع كلمات متواضعة، تحية له عما قدمه للعلم والإنسانية.
ولا شك بأن أهميته التي لم تزل تشع في سماء العلم حتى بعد مرور ستة قرون، تعود لكونه مؤسس علم الاجتماع أو ما يسمى أيضا علم العمران البشري، فضلا عن النظريات التي وضعها بهذا الشأن.
ولد ابن خلدون في تونس عام ١٣٣٢ م، وتعود أصوله إلى أشبيلية. ترحّل في البلاد، فسافر إلى فاس، غرناطة، تلمسان والأندلس ثم عاد إلى تونس وتوجه إلى مصر حيث توفي هناك عام ١٤٠٦ م.
درس في كل من جامعة القرويين في المغرب وجامعة الزيتونة في تونس وفي جامعة الأزهر ومدرسة الظاهرية في مصر.
أرشدته دراسته لتاريخ العالم والعالم الإسلامي خاصة إلى أن ما يحدث من ظواهر اجتماعية لا يسير حسب الأهواء والمصادفات ولا وفق إرادة الأفراد، وإنما وفق قوانين مطردة وثابتة لا تقل في ثباتها عن قوانين الظواهر الأخرى.
ويقول ابن خلدون، إن الإنسان مدني بطبعه وبأنه لا يجد كفايته واستقراره إلا بالتعاون والاشتراك في حياة الجماعة.
كما يرى المجتمع كنوع من التعاقد الاجتماعي وبأنه ينشأ على هذه الصورة متأثراً بالعوامل والظواهر الطبيعية. وهذه الظواهر عند ابن خلدون لا تتأثر فقط بالعوامل الطبيعية فحسب بل بعوامل اجتماعية من طبيعتها وليس عوامل اقتصادية أو نفسية أو جغرافية أو بيولوجية. وفي هذه النقطة يسبق ابن خلدون المدرسة الفرنسية والمدارس الحديثة لعلم الاجتماع.
لأبن خلدون العديد من المؤلفات، أهمها: “مقدمة ابن خلدون” و”ديوان المبتدأ والخبر” و”شفاء السائل في تهذيب المسائل” وهو كتاب في التصوف وكتاب “شرح البردة” و”رسالة في المنطق”.
من أهم أقواله:
“إتباع التقاليد لا يعني أن الأموات أحياء، بل أن الأحياء أموات”.
“الفتن التي تتخفى وراء قناع الدين، تجارة رائجة جداًفي عصور التراجع الفكري للمجتمعات”.
“فساد القضاء، يفضي إلى نهاية الدولة”.
“إذا أردت أن تتحكم في الجاهلين، فغلف كل باطل بغلاف ديني”.