الموضوع: ندوة لتيار المجتمع المدني حول “التربية على المواطنية في مجتمع متعدّد الطوائف
المكان: فندق البادوفا- سن الفيل
الزمان: 9/4/2011.
المنظم: تيار المجتمع المدني ومؤسسة فريدريش ايبرت.
عدد الحضور: 50 شخصاً.
الكلمات: أ. باسل عبدالله، أ. سناء الحلوة، الآنسة أريلة غروس ، د. علي خليفة، د. زياد حافض، حسان قبيسي، د. وجيه فانصو، د. علوية فرحات.
التحضير والتحريك: د. علي خليفة، د. غادة أبو مراد، د. غادة اليافي، أن ماري ماضي، أ. إنعام فقيه، أ. سهى علامة، أ. عمر حسامي.
نظم تيار المجتمع المدني بالتعاون مع مؤسّسة فرايدرش إيبرت، يوم السبت الواقع في 9 نيسان 2011، ندوة بعنوان “التربية على المواطنية في مجتمع متعدّد الطوائف: مدارس الطوائف وأبناء الوطن” وذلك في أوتيل بادوفا سن الفيل.
إفتتحت الندوة بكلمة منسق تيار المجتمع المدني المحامي باسل عبدالله الذي أكد على أن تيار المجتمع المدني يسعى لبناء الدولة المدنية ذات المضمون الحيادي بمعناه الإيجابي تجـاه الأديان كافة، التي تعيد الاعتبار للمواطن كقيمة إنسانية وتشكل مدخلاً إلى المواطنية الحقيقية، ويسعى التيار لنشر الثقافة وتعميم الوعي وصـولاً إلى تكوين المواطن الحر الديمقراطي، وأشار بأن التيار باشر بمجموعة من ورشات العمل، بالتنسيق مع الوزارة والقيمين على الشأن التربوي تهدف إلى تحديد ونشر وسائل التثقيف على مفهوم المواطنية لدى طلاب المدارس. وتأمل أن تساهم الندوة في تحديد كيف يمكن تطوير السياسة التربوية التي تنمي وعي الطالب اللبناني وتمكنه من النظر إلى زميله على مقعد الدراسة كمواطن لا كآخر مختلف.
ثم تكلمت ممثلة مؤسسة فريدريش ايبرت الآنسة أريلة غروس وشددت على أهمية عمل تيار المجتمع المدني على موضوع التربية على المواطنية وأكدت دعم المؤسسة له في طرحه.
ثمّ تكلمت الأستاذة سناء الحلوة ممثلةً مدير عام وزارة التربية الأستاذ فادي يرق، وصرحت بانه استنادا الى الخطة الخمسية التي وضعها وزير التربية واقرها مجلس الوزراء، وانسجاماً مع الاهداف العامة للمناهج التربوية والتي تركز على اعداد مواطن فاعل في مجتمعه، وافقت الوزارة على قيام جمعيات اهلية بورش عمل للاساتذة، تليها نشاطات لا صفيّة في المدارس والثانويات الرسمية والخاصة من اجل تعزيز المواطنية في نفوس الطلاب. كما انشأت لجنة التربية على المواطنية منذ 2009 للتنسيق مع عمل الجمعيات الناشطة في هذا المجال. ويجري الآن العمل على اطلاق مشروع “خدمة المجتمع المدني” من اجل زيادة معارف التلميذ حول مفهوم خدمة المجتمع المدني.
ثمّ تكلم منسق لجنة التربية على المواطنية في تيار المجتمع المدني الدكتور علي خليفة الذي أشار إلى أننا نطمح إلى تربية أجيال حافظة لهويتها العربية، واعية لتراثها، متخطّية العصبيّات الطائفية الدينيّة والمذهبية، ومتحرّرة من مظاهر التبعيّة السياسية – الدينية والفروقات الإجتماعية الطاغية في لبنان على أكثر من صعيد. وأجيالنا تحتاج إلى التثقيف وإلى مواكبة تربويّة تؤمّن اندماجها في إطار ناظمٍ يوحّد مسارها، ويقوّم خطاها ويجمعها حول قيمٍ للعيش الواحد كقيم المواطنيّة ومنظومتها الفكريّة وسلوكيّاتها. لكن ثمّة طرائق تربويّة، لا سيّما الدينيّة منها، تهتم أيضاً بإرساء أنظمةٍ شخصيّة وجماعيّة، تنقلها وتشرحها وتعمل على فرضها في حقل التربية وضمن نظام التعليم في لبنان. وهنا تكمن إشكالية التربية على المواطنيّة في مجتمع متعدّد الطوائف الدينيّة كلبنان. وقد أدّت إشكالية ارتباط التربية في المدارس بالدِّين إلى الفشل في بناء الانتماء الوطني وصولاً إلى إعادة إنتاج النظام الطائفي، وهذا ما ساهمت لجنة التربية في تيار المجتمع المدني بإظهاره عبر دراسة ميدانيّة قامت من خلالها بتوزيع استمارات على عيّنة إحصائيّة تمثيليّة قوامها 1400 طالب من 22 مدرسة ثانويّة لبنانيّة. وأظهرت الدراسة أزمة انتماء وطني في لبنان وتشتّت شعور الإنتماء الجماعي لدى المواطنين وتباعد عناصر الثقافة المواطنية لديهم. وصرح الدكتور خليفة بأن الندوة ستحاول استشراف إمكانية صياغة مشروع تربوي متكامل يقترح إدخال مادة القافة الدينيّة مكان كافة أشكال التعليم الديني والعقائدي والشعائري في كافة المدارس الخاصّة والرسميّة؛ حتى نطوّر شعورًا مباشرًا بالمواطنية لدى أبنائنا.
ثم حاضر الدكتور زياد حافظ حيث أشار إلى أن التربية عملية تفاعل بين المربّي والطفل، بينما المدرس يحصر مسؤوليته في المادة التي يعلمها. وأضاف أن مسألة التربية الدينية في المدارس مسألة معقدة ومركبة، فهنالك اشكاليات حول ضرورة التربية الدينية وحول مضمونها. وأعلن أن المطلوب هو تربية أخلاقية مبنية على القيم الروحية الموجودة في الرسالات السماوية والتي تؤسس لتربية مدنية ومواطنية صالحة. فيجب التمييز بين التربية الاخلاقية والتربية المدنية. فالأولى المدخل والثانية التطبيق السياسي لها.
بعدها حاضر للدكتور حسان قبيسي عن تاريخ واسباب تأسيس المدارس التابعة للطوائف الدينية، فأشار إلى أن المدرسة الطائفية في لبنان هي نتاج للتطور التاريخي الذي تكوّن لبنان في رحمه. واضاف أن المدرسة الطائفية التي أرسى النظام العثماني قواعدها لأسباب تعود إلى بنيته كدولة دينية، عاد الانتداب الفرنسي ليكرسها ويتوسع فيها لاسباب تعود الى مصالحه الاستعمارية، إلى أن يستلمها النظام السياسي الطائفي الذي اوكل اليه الانتداب قيادة دولة الاستقلال، وكان من الطبيعي ان تعمد الفئات الطائفية التي شكلت الطبقة الحاكمة في ذلك النظام، الى اعادة إنتاج الشروط التي تسمح لها بالإستمرار من خلال إعادة إنتاج إجتماعية طائفية بواسطة المدرسة. أضاف ايضا أن الطائفية المقيمة في حياتنا وفي نفوسنا ليست جزءاً من تكويننا الوراثي، وإنما هي نتاج تربية تكرسها مؤسساتنا التربوية: العائلة اولا ومن ثم المدرسة ومن بعدها المؤسسات الإعلامية، وإن الانتقال من الولاء الطائفي الى الولاء الوطني يحتاج الى ارادة اولا والى دراسة وفهم معمقين لتحديد العوامل المادية والثقافية التي تسهم في إدامة هذه الظاهرة والى وضع الخطط المرحلية لتغييرات تشريعية تقود الى بناء الوطن الذي نطمح اليه.
بعدها القى الدكتور وجيه قانصو محاضرة تحت عنوان “وجهة نظر الدولة وواقع المدارس الرسمية”. فأشار إلى أن مشكلة لبنان هي أن الخصوصية تضخمت إلى حد أنها تكاد تلغي الفرد، لأنها تمارس استبداداً عليه بطرق ظاهرة وخفية، وتكاد تلغي الجامعية المتمثلة بالهوية والوعي الوطني والدولة، حتى يكاد المجتمع اللبناني يتحول إلى مجتمعات خاصة متجاورة لكل مجتمع خصوصيته ومنظومة قيمه، والدولة إلى فيديرالية طوائف. من هنا تتبدى إشكالية التعليم الديني، سواء على مستوى المدارس الخاصة او على مستوى المدارس الرسمية. فالتعليم ليس شأنا خاصاً وليس ملكية نستحوذها. وأضاف أن اللعبة الطائفية تعني التربي على القيم الطائفية وبناء تضامنات على أساس طائفي، بحيث تكاد تشمل كل زوايا الحياة، ويضيق معها هامش الحياة المشتركة والجامعة. فالمدرسة الخاصة أصبحت ساحة نزاع وصراع وتنافس مذهبي في مناطق الإحتكاك والإختلاط. وتساءل: هل التعليم الديني يقوم بوظيفته ضمن دائرة التوازن بين العام والخاص؟ فأجاب: التعليم الديني يتخذ وضعية التلقين الآمر، ويسرب مفاهيم سياسية خاصة.
ثم تحدثت الدكتورة علوية فرحات عن “المدارس الرسمية التابعة بالاصل للدولة: هل اصبحت تابعة للطوائف؟”، فقالت اننا اصبحنا منذ اتفاق الطائف شئنا ام ابينا تابعين لزعماء الطوائف. وطالبت بحرية التعليم على ان تضع الدولة كل امكانياتها لوضع التعليم الرسمي خارج كل منافسة من كل من يريد ان يذهب بها الى المدرسة الطائفية.
بعد ذلك قام بعض المشاركين بطرح تجارب شخصية حول حصص التعليم الديني، وقد صدر عن المشاركين في نهاية الورشة، مجموعة توصيات أهمها:
– وضع منهجيّة لتعليم الثقافة الدينيّة في المدارس تحلّ مكان التعليم الديني والعقائدي والشعائري في كافة المدارس الخاصّة والرسميّة؛
– توفير كافة مقوّمات بناء المنهجيّة والمحتوى وأساليب تعليم مادة الثقافة الدينيّة في المدارس؛
– وتحديد مواصفات معلّمي مادّة الثقافة الدينيّة في المدارس؛
– تحديد وضعيّات تقويميّة لمادة الثقافة الدينيّة وإدخالها في الإمتحانات الرسميّة لشهادة الثانوية.
وقد وزعت في نهاية الندوة شهادات على الحاضرين المشاركين فيها.
تندرج هذه الندوة في إطار نشاطات لجنة التربية في تيار المجتمع المدني التي بدأت عام 2009 ضمن سياق المحاضرات والورشات التي تعنى بقضايا وإشكاليات التربية والمواطنية والتعليم الديني.