مجلة تواصل مدني – العدد 10- عن شهر 9/2014- صفحة “آراء حرة”- مقالة – أديب محفوض
نافذة أمل .. مغلقة !!- مقالة- أديب محفوض
بين نظرة معظم الممسكين بزمام السلطة إلى الانتخابات على أنها تظاهرة فولكلورية تُثمر تجديداً لمبايعة من نُصّبوا حكاماً في الحرب والسلم على ما تبّقّى من شعب ودولة في لبنان، ونظرة بعضٍ من المواطنين ومن الهيئات والمؤسسات المدنية إلى هذه المحطة ولا سيّما بشقها النيابي، على أنها الوسيلة المناسبة لاجتياز الحاجز الأول في طريق إخراج مصطلح الدولة من كتاب الدستور ومن بين السطور إلى الواقع المتجسد بالمؤسسات والقوانين الحديثة وقيم الديمقراطية كالعدالة والمساواة وتكافؤ الفرص ومشاركة الشعب فعلياّ في إدارة شؤونه عبر من يختارهم لهذه المهمة. ما يكمن بين هاتين النظرتين إلى أهم حق منحته النظم الديمقراطية للمواطن في مجال المشاركة في السلطة ، ليس سوء تفاهم ولا خلافٌ عابر، بل حكاية وطن ..
لم تكن يوماً نظرة الهيئات المدنية الحالمة بتغيير الواقع اللبناني (كتيار المجتمع المدني والحملة المدنية للاصلاح الانتخابي والحراك المدني للمحاسبة وغيرها ..) إلى عملية الانتخاب على أساس اعتبارها ترفا سياسيا أو مجرّد محطة مرحليّة لممارسة فعل اختيار المواطنين لممثليهم في الندوة البرلمانية التي لا تسمن ولا تغني من جوع . بل لطاما كانت الانتخابات العامة فرصة التغيير الحقيقية والوحيدة إذا ما توفرت شروط الانتخابات الصحيحة والديمقراطية والتي ينبثق عنها مجلس نيابي ممثل فعليا لشرائح المجتمع المتنوعة على أساس نسبية التمثيل، والتي لا تتحقق إلا مع اعتماد قانون انتخابي عصري يتضمن المبادئ والأسس التي تضمن سلامة التمثيل وعدالته ، كاعتماد مبدأ النسبية وتشكيل الهيئة المستقلة المنظمة للانتخابات، وتخفيض سنّ الاقتراع والترشيح واعتماد الكوتا النسائية وتحديد سقف الانفاق على الحملات الانتخابية وغيرها من الإصلاحات الضرورية .
وإذا كان الإصلاح الانتخابي هو المدخل المناسب لإصلاح النظام السياسي، فإن قانون الانتخاب هو الثغرة الوحيدة التي يمكن النفاذ منها إلى هذا النظام السياسي الطائفي المغلق الذي يقضي على أي محاولة للتغيير من خارجه ولأسباب طائفية على أساس العلاقة التبادلية والتفاعلية المصلحية بين النظام السياسي ومكوّناته الطائفية، ما يحول دون المراهنة على أي أمل بتطويره إلا من خلال تطوير قانون الانتخاب والنظام الانتخابي بهدف كسر الاحتكارات السياسية وتفعيل مبدأ محاسبة الناخبين للسلطة التي انتخبوها عبر إدخال قوى سياسية جديدة إلى البرلمان والذي يساعد في تحقيقه اعتماد النظام النسبي مع دائرة انتخابيّة كبيرة بدلاً من نظام الانتخاب الأكثري .
أمّا مبدأ دوريّة الانتخابات فيكمن وجوب احترامه في كونه فرصة لتجديد الوكالة للنواب الذين انتخبناهم أو إلغاء تلك الوكالة وانتخاب غيرهم عملاً بحق الشعب في محاسبة السلطات المنتخبة، وانطلاقاً من هذا المبدأ تقف الكثير من مؤسسات المجتمع المدني، ولا سيّما تلك المذكورة اعلاه، موقفاً مناهضاً ورافضاً للتمديد، فهو يمدّد الوكالة من دون موافقة الموكّل، أي الشعب، ويقضي على أحد أهم مظاهر الحياة الديمقراطية في لبنان ويسقط مبدأ المحاسبة والمساءلة ، ويُمدّد بالتالي للأمر الواقع بكل مآسيه وأزماته. وهذا ما ينبغي العمل وتظافر الجهود في سبيل تفادي وقوعه.