مجلة تواصل مدني – العدد 14- عن شهر 12/2015- إفتتاحيّة العدد – ص. 1- إعداد باسل عبدالله
مُنذ أكثر من عشرة سنوات، انطلقت في لبنان مسيرة شبابية نضالية جديدة رفعت لواء الدولة المدنية العلمانية وشعار الانتماء المُواطني في مواجهة التطييف المُمارَس من قبل الطبقة السياسة اللبنانية، ومطلب قيام دولة القانون والمحاسبة في مواجهة الفساد المُستشري في جميع أجهزة الدولة.
حَملَت هذه المسيرة عناوين حقوقية مدنية ومطلبية معيشية، وحاولت أن تُشكّل صوتاً جديداً يَعلو خارج المشهد السياسي الذي هَيمن على الحياة السياسية في لبنان وترسَخ أكثر فأكثر في ذلك الحين نتيجة اصطفاف 14 و8 آذار.
فبعد مؤتمر العلمانيين في العام 2006 وتحركات “تنذكر تَ ما تنعاد” في ذكرى الحرب الأهلية واللقاء العلماني ومسيرة العلمانيين، ظهر أول تحرك شعبي في العام 2011 تحت عنوان “حراك إسقاط النظام الطائفي” الذي حمل مطلب بناء الدولة المدنية العلمانية ورفع شعار رفض سياسات اصطفاف 14 و8 آذار والطبقة السياسية الحاكمة في لبنان، فشكل هذا التحرك الذي وصل عدد المشاركين فيه إلى ثلاثين ألف مشارك، الخطوة الشعبية الكبيرة الأولى في هذه مسيرة التي انطلقت قبل ذلك بسنوات.
استمرت المسيرة في الأعوام مِن 2012 إلى 2015 بأطر تنسيق متنوعة كالحراك المدني للمحاسبة الذي وقف، في سلسلة من التحركات الميدانية، بوجه تمديد مجلس النواب لنفسه مرتين، والهيئة المدنية لحرية الاختيار التي عملت على عقد أولى الزيجات المدنية في لبنان، ولقاء الطلاب العلمانيين الذي عمل على تأسيس نوادي علمانية في الجامعات، كما دعم شباب هذه المسيرة وشاركوا في التحركات الكبيرة التي نظمتها هيئة التنسيق النقابية للمطالبة بإقرار سلسلة الرتب والرواتب.
اليوم تستمر المسيرة بخطوتها الكبيرة الثانية المُتمثلة بالحراك المدني والشعبي في مواجهة تلكُؤ السلطة السياسية في معالجة أزمة النفايات، هذا الحراك الذي يُطالِب بإعادة النظام اللبناني إلى دوره الطبيعي في تطوير حياة الإنسان وتحسين ظروف معيشته.
ولا شك أن هذه الخطوة الثانية ستُمهِّد للخطوة الثالثة الأهم والتي نأمل أن تُترجم بتشكيل الحالة المدنية والسياسية ذات المشروع الوطني المُوحد الذي من شأنه أن يكون الرافعة لبناء الدولة المدنية العلمانية، دولة الإنسان وقضاياه، لا دولة المصالح والتجاذبات الطائفية.