نظم الحراك المدني للمحاسبة مؤتمراً صحافياً في 27/7/2015 أبدى فيه موقفه من أزمة النفايات ودعا خلاله إلى اعتصام ومسيرة يوم 28/7/2015 أمام السرايا الحكومي، وقد جاء في البيان الذي تلاه باسل عبدالله من الحراك: “
شوارع بيروت تفحّ برائحة السلطة… هي سخرية القدر ربما، أن تكون رائحة عفن النظام قد فاحت من النفايات المنتشرة على طرقات المدينة وفي أحيائها وأزقتها.
لنا مع هذه السلطة اختبار طويل أثبتت خلاله فشلها في تحقيق الاستقرار السياسي، وعجزها عن الإمساك بزمام الأمور، واستهتارها التامّ بهموم المواطنين وحقوقهم. لقد ساهمت هذه السلطة بكافّة مكوّناتها ومن دون استثناء، وعن سبق إصرار وتصميم، في تحقيق الشلل التام في مؤسسات الدولة، واحباط كل الآمال بالتغيير والتنمية والتقدم. فالتمديد غير الدستوري للمجلس النيابي، والفراغ الرئاسي، وتعطّل العمل الحكومي أوضح أمثلة على ذلك. ولقد ندّدنا في أكثر من مناسبة وأمام أكثر من ملف، بالإرتهان للخارج، وتقديم الإرتباطات الإقليمية على أولويات المصلحة الوطنية العامة.
لكننا اليوم أمام قضية ليس للخارج فيها دور أو إملاءات. فالحقيقة هي أن أركان السلطة والقيمُون على مصالح الناس هم مرتهنون لجشعهم، يدفعهم للتقاتل كالضباع على ما تبقى من حصص في جثة الدولة شبه الهامدة. انها المرة الثانية في أقل من سنة التي تنتشر فيها رائحة الصفقات من مكبات النفايات في شوارع بيروت وضواحيها.
ولكنْ لِبيروت ولبلدات جبل لبنان حكاية طويلة مع النفايات. منذ أن تم تلزيم شركة سكّر للهندسة (سوكلين وسكومي) جمع ومعالجة النفايات في هاتين المنطقتين في العام 1997، في ما سمي خطة طوارىء في حينه، بدأ حينها صراع مرير مع المدافعين عن البيئة الطبيعية والصحّة العامّة والمال العام. وخطّة الطوارىء تحوّلت، عبر التمديد المتكرّر لتاريخه، الى خطة ثابتة دائمة، وتحوّلت معها سوكلين الى مؤسسة فوق القانون، غير خاضعة للمساءلة. لم يَثُر أهل الشحّار ضد التمديد لمَطمر الناعمة عن عبث، بل ثاروا لأنه لم يعد بإمكانهم التعايش معه، ولأنه بات يشكل تهديدا حقيقيا على صحّتهم
أن الحلول متوفرة، وهي قابلة للتحقيق اذا ما توفرت الإرادة لذلك. لكن المانع الرئيسي من الخوض في مسار تحديث آليات جمع ومعالجة النفايات هو أن النفايات بدورها قد تحوّلت الى آلية لاستنزاف المال العام وتكديس الأرباح على حساب حق المواطنين، دافعي الضرائب، في الصحة والتنمية والبيئة النظيفة. وطريقة ادارة الأزمة القائمة والسماح أصلا بالوصول اليها، يشكلان دليلا واضحا على انهيار الدولة ومؤسساتها، بشكل تام. لكننا كمواطنين، قادرون على ممارسة دورٍ ايجابي، وقادرون على الإمساك بزمام المبادرة، بدءا من هذه القضية التي تمسّنا جميعا.
عندما مدّد البرلمان اللبناني لنفسه، منح نفسه عقدا غير محدّد المدّة للعبث بحقوق المواطنين وعكسَ هذا التمديد استهتارا واستخفافا بكلّ لبناني ولبنانيّة منّا، فصَوتُنا ورأينا وحياتنا وحياة ابنائنا لا قيمة لهم عند هذه السلطة، وها نحن ندفع تباعا ثمن هذا الاستهتار الذي لن يتوقف قبل أن يمسك الشعب اللبناني زمام الامور.
ونعود ونؤكّد، لا للتمديد لسلطةٍ تتحايل على مواطنيها كالسارق لتمرّر النفايات وترميها في مكبّات عشوائية. وبناء عليه اجتمعنا اليوم لنؤكّد أنّنا لن نرضخ لأهواء سلطة تُسلّط علينا اليوم سلاح النفايات وتهدّدنا بالمرض والموت. غدا تنعقد جلسة مجلس الوزراء، للبتّ في هذا الملفّ. أملنا شبه معدوم في ما سيخرج عن تلك الجلسة، فالتمديد لمطمرالناعمة مرفوض، وإنشاء المكبّات في المناطق مرفوض أيضا. الحلّ الوحيد هو وضع استراتيجيّة لمعالجة النفايات وخطط تنفيذ تبدأ بالتخفيف من إنتاج النفايات وإعادة إستعمالها، يليها التدوير والتسبيخ لما تبقىّ منها على أن تكون المحارق والمطامر الصحية هي العمليّة الأخيرة لمعالجة القسم المتبقي منها. نريد تطبيق القوانين وإعادة صلاحية معالجة النفايات إلى البلديات وتطبيق المرسوم رقم 9093 الصادر بتاريخ 15/11/2002 والذي يدعم مالياً مبادرات معالجة النفايات من قِبل أي تجمّع للبلديّات. فاذا لم يتحقّق ذلك وخرجوا علينا بمناورة جديدة، سنبادرهم بما يستحقون”.