“أنا لست مُحرِّراً، المُحررُون لا وجود لهم، فالشعوب وحدها هي من تُحرِّر نفسها” تشي غيفارا
“حرة وحرة كثيراً” هكذا صنفني، وإن كنا ندري، هو وأنا، بالتكافل والتضامن الفكري، أن ليس للحرية من مكيال، لا بكثرة أو بقلة، لكننا ولدنا في بلاد حرياتها مطلية ما بين اللونين الأسود والرمادي، حريات مرتهنة لقوانين سياسية وإعلامية ودينية وإجتماعية وعائلية وعشائرية وتاريخية، فعبارة “الحرية الانسانية” لا وجود لها في قواميسنا العربية.
مهما علا شأننا أو شأن حريتنا، سنبقى واقفون معها أمام طابور الهوية العربية المثلثة الأبعاد، النظام – الدين – المجتمع.
لا أدري كم يبلغ طول هذا الطابور، أقل تقدير له ما تراه عيناي، من الأرض إلى القمر!
تلك الهوية العربية المثلثة الأبعاد، لم تصنّعها المؤامرات الخارجية، ولم تحكها الولايات المتحدة الأمريكية، ولا الصهيونية العالمية، وإن ساعدت على تكريسها أنظمتنا العربية بحكام أطعمونا القمع بمختلف أنواعه وأشربونا الفساد بشتى أشكاله. لكننا وهذه الأنظمة سواسية، نحن وهم خلقنا من رحم واحد، رحم اعتاد العبودية، الخوف، الكذب، العنف، الإدعاء، السخف، الجهل، الخمول والفساد.
لا يمكن أن نكون أحراراً كاذبين، أحراراً خائفين، أحراراً مُتعالين، أحراراً فاسدين وننتخب الفاسدين، لا يمكن أن نكون أحراراً طائفيين، أحراراً فوضويين، أحراراً ديكتاتوريين، أحراراً مُكبّلين بعاهات بيئية وسياسية واجتماعية.
رُبَّ من قال “كما أنتم يُولّى عليكم”، أنظمتنا، شوارعنا، مؤسساتنا، قوانيننا، مناهجنا، هي صورة طبق الأصل عنا، هي انعكاس لنا، نحن الشعوب.
من الصعب جداً، لا بل من المستحيل، الفصل بين إمكانيات الشعوب الفكرية والنفسية، وبين قدراتهم على تحقيق النهضات. من الصعب جداً إسقاط أنظمة ساقطة من قبل شعوب لم تنفطم عن رحم هذه الأنظمة!
تلك المعادلة كمعادلة الحياة والماء!