مقابلة العدد 21 من مجلة تواصل مدني عن شهر كانون الأول 2017
الرئيس حسين الحسيني: إتفاق الطائف – الحل الأنسب للمسألة اللبنانية – أسقطته قوى الأمر الواقع والدول الوصية عليها!
أجرى المقابلة أديب محفوض
في حضرة مهندس الآلية التي انتقل لبنان بموجبها من حالة الحرب الأهلية التي انتهت مع نهايتها الجمهورية الأولى، إلى حالة السلم التي استُهلّت بها الجمهورية الثانية.
عن صورة الدولة ومؤسساتها كما تمّ رسمها في الطائف، وعن التشويه الذي طال عملية التطبيق لجعله يتناسب مع مصالح رعاته من القوى الإقليمية والدوليّة.
مهندس اتفاق الطائف يستطيع أن يرى ويستشرف بعين واضع النظرية والساهر على تطبيقه: دولة الرئيس حسين الحسيني.
سأبدأ من آخر المستجدات المحليّة باعتبارها فرضت نفسها على كل المستويات: الأمنية والسياسية والاقتصادية.
دولة الرئيس، ما هي قراءتك لمستجدات الأسابيع الاخيرة، انطلاقاً من مفاجأة استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري وما تلاها من تطوّرات؟
طبعاً، هي نتيجة طبيعية لتركيبة حكم لا علاقة له بالدستور ولا علاقة له بالنظام اللبناني. هو صيغة حكم نشأت عام 1992 خلافاً لاتفاق الطائف وهي قائمة على الإستقواء بالخارج على الداخل مع تغييب إرادة الناس التي هي الأصل، فبحسب نظامنا الدستوري… وهنا أريد ان أصحّح ، نحن لسنا في جمهورية ثانية، نحن بحسب التقليد في الجمهورية الثالثة: الأولى هي مع دستور سنة 1926 والثانية سنة 1943 مع نهاية الانتداب الفرنسي والثالثة هي مع اتفاق الطائف. وكلمة الجمهورية الثانية تعبير أطلقه الرئيس الراحل الياس الهراوي عند توقيعه قانون الاصلاحات الدستورية في أيلول 1990 وصححتُ أنا هذا المفهوم في مجلس النواب لدى سماعي رئيس الجمهورية يقول الجمهورية الثانية، فقلت هذه الثالثة على حساب التقليد، أما على حسابي فنحن بصدد إقامة الجمهورية الأولى التي لم تقم بعد وهي اتفاق الطائف.
دستورياً، هل يحق لرئيس الجمهورية عدم قبول الاستقالة بناءً على الشك باعتبارها حصلت تحت الاكراه؟
لا. هناك مبدأ دستوري يقول بعدم حصول فراغ في السلطة، وبالتالي الآلية الدستورية تقضي بأنه عند تقديم الاستقالة لرئيس الجمهورية يأخد علماً رئيس الجمهورية بها ويطلب إلى الرئيس المستقيل الاستمرار في تصريف الأعمال دون صدور أي نص يقضي بقبول إستقالة الحكومة، وعند تشكيل الحكومة الجديدة يبدأ مرسوم التشكيل بمادة تشير إلى قبول الإستقالة لعدم حصول فراغ في السلطة، إذاً هي لم تقبل دستورياً إلا بتشكيل حكومة جديدة منعاً للفراغ في السلطة. الآن، وكمبدأ تصريف أعمال، عند وجود رئيس الحكومة خارج الأراضي اللبنانية لا وجود لتصريف الأعمال وبالتالي هي عملية شل لإدارة الدولة فقط.
دولة الرئيس، بمادة أو بمرسوم مستقل يصدر قبول الأستقالة؟
بمرسوم، هو ذات المرسوم، المادة الأولى تخبر الإستقالة، المادة الثانية تشكل الحكومة.
بالعودة إلى أصل قيام الجمهورية، حضرتك تسميها الجمهورية الثالثة، وللآن في الأدبيات السياسية في لبنان يطلقون عليها إسم الجمهورية الثانية…
رسمياً هي الثالثة.
سنسميها الثالثة في حضرتك دولة الرئيس، كونك الشاهد على ولادتها.
بالعودة إلى أصل قيام الجمهورية الثالثة، ما الفرق بين صورة الدولة التي أُريد قيامها في لبنان كنتيجة لاتفاق الطائف، وتلك التي قامت فعلاً؟
للإجابة على هذا السؤال يقتضي توضيح ما جرى في تلك الفترة، ذلك أنه منذ تصديق إتفاق الطائف في 5 تشرين الثاني 1989 في اجتماع المجلس النيابي في القليعات كانت صورة الحل تقضي باعتبار حلّ أزمة لبنان مدخل لحل أزمة المنطقة وليس مع حلّ أزمة المنطقة ويقوم الحل على ثلاثة ركائز: الركيزة الأولى تطبيق القرارات الدولية في جنوب لبنان القاضية بانسحاب قوات الإحتلال الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية حتى الحدود المعترف بها دولياً بموجب إتفاقية الهدنة في عام 1949. هذا التطبيق يؤدي إلى تحقيق الأمن والإستقرار على جانبي الحدود من قبل الشرعية الدولية. والركيزة الثانية هي إرساء العلاقات اللبنانية السورية على قواعد واضحة وثابتة في إطار سيادة وإستقلال كل من البلدين والركيزة الثالثة هي إقامة الدولة اللبنانية المدنية وفقاً للنظام الجمهوري الديمقراطي البرلماني الذي يقوم على احترام الحريات العامة وفي طليعتها حرية الرأي والمعتقد وعلى العدالة الإجتماعية والمساواة في الحقوق والواجبات بين جميع اللبنانيين دون تفاضل أو تمييز. والنظام قائم على مبدأ الفصل بين السلطات وتوازنها وتعاونها فضلاً عن أن الشعب هو مصدر السلطات. هذه الركائز الثلاث هي الحلّ للأزمة اللبنانية. الذي حصل أنه جرى إقرار الإصلاحات الدستورية التي جعلت من اتفاق الطائف صلب الدستور عام 1990 غير أنه في ذات الوقت حصل إجتياح العراق للكويت. من جهة لبنان استمر في تطبيق إتفاق الطائف وأعاد تكوين الجيش اللبناني والقوات المسلّحة وفرض وجود الدولة على أرض الجنوب تمهيداً لتطبيق القرارت الدولية وهذا أمر مهم جداً. أيضاً جرى ترسيخ العلاقة اللبنانية-السورية بمعاهدة بين دولة ودولة جرى بها الاعتراف السوري بالكيان اللبناني وبسيادة واستقلال لبنان على كامل أرضه غير أن نتائج الاجتياح العراقي للكويت وردة الفعل الأمريكي الدولي غيّرت الأولويات فبدلاً من حل أزمة لبنان كمدخل لحل أزمة المنطقة أصبحنا في عام 1991 أمام مؤتمر مدريد الذي يقول بحل أزمة المنطقة ككل وطبعاً ما زلنا نراوح في الوقت الضائع … المهم هذا الواقع (حرب الخليج) أدى إلى تغيير في الأولوية لدى الولايات المتحدة الاميركية وأصبح حلّ أزمة لبنان مع حلّ أزمة المنطقة وليس مدخلاً لحلّ أزمة المنطقة فضلاً عن أن هذا الواقع غيّر الأولوية عن سوريا، فبدلاً من مساعدة لبنان على حل أزمته أصبح دور سوريا الإشراف على إدارة الأزمة في لبنان. هنا الذي حصل عام 1992 إفتعال إنتخابات غير صحيحة خلافاً لإتفاق الطائف وتسليم الحكم لأطراف الإتفاق الثلاثي الذي نشأ عام 1985 خلافاً لإتفاق الطائف. ومن سمي الثلاثي الذي يضم الميليشيات الثلاث الكبرى في البلد هم: القوات اللبنانية وحركة أمل والحزب التقدمي الإشتراكي. إضافة إلى ذلك الرئيس رفيق الحريري والوزير ميشال المر أي بمعنى الإتفاق الثلاثي من حيث التسمية نسبة للميلشيات الثلاث وخماسي من حيث الواقع، وانتقلت السلطة إلى يد الخمسة هؤلاء من العام 1992 وجرت إدارة البلاد على أساس الإتفاق الثلاثي وليس إتفاق الطائف.
برأيك دولة الرئيس، جمهورية الطائف هي الجمهورية التي أرادتها القوى السياسية اللبنانية للبنان أم أنها ما أرادها الآخرون له؟
ممكن أن نطلق عليهم تسمية قوى الأمر الواقع… الناتجة من سنوات الحرب…
في الأصل… هم أمراء الحرب…
هل يعتبر الرئيس الحسيني أن الجمهورية الثانية التي كانت وليدة اتفاق الطائف، هي النموذج الأنسب للبنان؟
طبعاً، طبعاً. لأن لبنان شعب واحد متنوع الانتماء الطائفي والمذهبي ولكنه ضمن الوحدة، أي التنوع ضمن الوحدة. عندما أطلق شعار قبرصة لبنان بداية الحرب على لبنان، كان الهدف الإسرائيلي تفتيت لبنان لأن لبنان يشكل التعارض الكبير مع الكيان الصهيوني، فالكيان اللبناني قائم على العيش المشترك وعلى التسامح وعلى النظام الديمقراطي والحريات العامة بينما النظام الصهيوني يقوم على الأغلبية الدينية والعرقية والتعصب الديني المناقض تماماً لتكوين لبنان. إذا هذا التكوين يفرض بالضرورة نظام جمهوري ديمقراطي برلماني يقوم على احترام الحريات العامة في الرأي وفي المعتقد وعلى المساواة، فإذاً لا يمكن أن يناسب لبنان غير هذا النظام الديمقراطي البرلماني.
دولة الرئيس لماذا تولون كل هذا الاهتمام والتقدير لوثيقة الطائف التي كرّست الطائفية السياسية وقضت على حلم الدولة المدنية لدى القوى التغييريّة، لصالح بناء دولة أشبه بمزرعة؟
كيف ذلك؟؟
نصّ إتفاق الطائف بصورة صريحة وواضحة على مرحلة انتقالية يتم فيها تشكيل هيئة وطنية لإلغاء الطائفية السياسية، لأنه في التعاطي مع هذا الموضوع في لبنان لا يمكن اعتماد طريقة البتر، فالمرض لا يصيب عضواً من أعضاء الجسد، المرض منتشر في الجسم اللبناني ولذلك فإن إتفاق الطائف اعتمد صيغة التداوي بالجرعات، كل جرعة تأتي بجرعة. مثلاً نصّ على وجود مجلسين: مجلس وطني خارج القيد الطائفي ومجلس يمثل الطوائف ولكن لا يتعارض مع سيادة واستقلال البلد.
الفارق بين الدولة العلمانية والدولة المدنية فارق كبير، ففي الثورة الفرنسية كان شعار الدولة هو فصل الكنيسة عنها لأن الكنيسة كانت هي الدولة. أما الثورة البولشيفية فاعتبرت أن الدين أفيون الشعوب، وهذا المصطلح اقترن بموضوع العلمنة… الدولة العلمانية تعترف بحقوق الأفراد وبحقوق الشعب وبحقوق الدولة ولا تعترف بوجود الجماعات، بينما الدولة المدنية تعترف بحقوق الفرد وحقوق الدولة وحقوق الشعب وتعترف بوجود الجماعات سواء كانت جماعات دينية أو مدنية، فمثلاً عام 1926 الدولة اللبنانية كانت دولة مدنية بدليل النص في المادة 9 الذي يقول بأن حرية الإعتقاد مطلقة والدولة بتأديتها فروض الإجلال لله تعالى تحمي المواطنين، والمواطنون يعبدون ربهم كما يشاؤون. إذاً مبدأ الدولة المدنية هو ملازم لمبدأ قيام الكيان اللبناني. جاء إتفاق الطائف ليضع حداً لإستمرار الطائفية السياسية بإنشاء هيئة وطنية تعمد إلى تقديم اقتراحات في مجالات التعليم والتربية وكل مناحي الحياة اللبنانية ليتم إقامة الدولة المدنية بدون عوائق، والحقيقة حتى الآن أنّ هذه الهيئة الوطنية لم تشكل بعد، علماً أنه كان يفترض أن تشكل في العام 1992 وبالتالي وبعكس ما جاء في سؤالك فإن إتفاق الطائف مثلا ألغى طائفية الوظيفة.
بعد العام 1992 حصل اتفاق بين الرؤساء الثلاثة: رئيس الجمهورية ورئيس المجلس النيابي ورئيس الحكومة بتجاوز أحكام الدستور وبالإبقاء على الطائفية السياسية، إذاً منذ العام 1992 عُلّق قيام الدولة.
أود أن أشير دولة الرئيس إلى أن طرح تيار المجتمع المدني ومؤسسه غريغوار حداد للعلمانية لا ينطلق من موقفٍ معادٍ للأديان، بل هو يتخذ من الأديان موقف الحياد الإيجابي، ويطلب فصلها عن الدولة تحصيناً لها من استغلالها لغايات سياسية…
بالعودة إلى السؤال، تعني أنّ الطائف لم يأخذ فرصته الحقيقية للتطبيق؟
أبداً…
علماً أنه لا يوجد إحتمال آخر غير إتفاق الطائف. لماذا؟ لأن الشرعية في لبنان شرعية دستورية دولية وليست شرعية ثورية. فالشيء الثابت هو إتفاق الطائف، وأي نوع من الممارسات الأخرى لا سند لها ولا علاقة لها بإرادة الشعب اللبناني.
فالذي يستطيع أن يبدل إتفاق الطائف هو الشعب الذي هو مصدر السلطات، وليس قوى الأمر الواقع الذين يجتمعون تارة في الدوحة وتارة في مكان آخر في دمشق أو في الرياض.
دولة الرئيس بإعتبار حضرتك عرّاب الطائف، على الأقل رسمياً كنت عرّاب الطائف، إذ اعتبرنا أن المجلس النيابي اجتمع في السعودية…
الحسيني مقاطعاً : أيضاً دعني أصحح، أنا جندي في مسيرة الطائف.
ما أُريد أن أقوله دولة الرئيس هو أنه ابّان مداولات الطائف لم يكن هناك رئيس للجمهورية، كان هناك رئيس لمجلس النواب ومجموعة من النواب اللبنانيين في الطائف. رسمياً من كان المسؤول… مدير هذا الإتفاق على المستوى الرسمي أفترض أنّه دولة الرئيس حسين الحسيني.
من هذا المنطلق، ما هي الاصلاحات الإضافيّة التي كنت تراها ضرورية وتمنّيت تضمينها للاتفاق، ولم توفّق في ذلك؟
أبداً ما من إصلاحات إضافية، فقد نصّ الدستور على مبادئ قيام الدولة المدنية بإنتظار إقرار القوانين التطبيقية، لأن الدستور كما نعلم يضع الخطوط العريضة ولا يدخل في التفاصيل، فمثلاً وضع الدستور مهلاً لرئيس الجمهورية إن من حيث وجوب الإستشارات النيابية لتشكيل الحكومة أو من حيث إصدار القوانين أو ردها أو إصدار قرارات مجلس الوزراء أو ردها، فلكل هذه المهام هنالك مهل، دون أن يذكر المهل التي على رئيس مجلس الوزراء أو الوزراء التقيد بها لإنجاز مهامهم. ولكن هل يعني ذلك إعفاء رئيس الوزراء والوزراء من المهل وبالتالي تقييد رئيس الجمهورية وإطلاق الحرية لرئيس الوزراء؟! هذا غير صحيح، ولكن الصحيح أن القانون التطبيقي لتنظيم عمل مجلس الوزراء هو الذي سيتضمن تحديد المهل وكيفية تشكيل الحكومة ومهل تشكيلها، وبالتالي القيود على الوزير وعلى رئيس الوزراء. وهذا القانون لم يصدر حتى الآن، بدليل ما حصل مؤخراً مع رئيس مجلس الوزراء، فهذا المجلس بنظري هو حكومة أمر واقع وليست حكومة شرعية، حتى أنّ انتخاب رئيس الجمهورية تمّ من خلال مجلس نيابي يقول رئيس الجمهورية عنه أنه غير شرعي.
هل هو غير شرعي بسبب التمديد؟
الشرعي يكون منتخباً، لا يمكن إعتبار مجلس نيابي ممدد لنفسه ثلاث مرات شرعياً.
المهم، حكومة الأمر الواقع، رئيس الحكومة استقال من خارج الأراضي اللبنانية، الدستور يقول أن مجلس الوزراء مؤسسة، وهي تعطلت لأن رئيس الوزراء استقال، لماذا؟ لأن قانون تنظيم أعمال مجلس الوزراء لم يصدر وبالتالي نائب رئيس مجلس الوزراء لا يحق له أن يرأس جلسة مجلس الوزراء أو يدعو لعقد جلسة لمجلس الوزراء. نرى رئيس الجمهورية تصرف كأمير عشيرة، وليس كرئيس جمهورية لأن غياب رئيس الوزراء عطّل البلد، ولأن النصوص الناظمة لهذه الأوضاع والمستجدات غير متوفّرة، إذاً هناك خمسة قوانين تطبيقية قبل صدورها لا يمكن أن نعتبر أن الدولة قائمة، لا بإتفاق الطائف ولا غير إتفاق الطائف، هي قانون الإنتخاب لإنبثاق سلطة شرعية تشرّع القوانين، قانون تنظيم أعمال مجلس الوزراء، قانون تحقيق السلطة القظائية المستقلة، قانون الدفاع الوطني وقانون خطة التنمية الشاملة والبلديات واللامركزية الإدارية، قبل صدور هذه القوانين الخمسة لا يمكن إعتبار أننا في دولة.
نحن لسنا في دولة؟ ماذا تسمّي ما نحنُ فيه دولة الرئيس؟
نحن في مشيخة… إمارة…. الذي تريده!
في مزرعة ؟
سمّها ما شئت … مزرعة!
على سيرة قانون الإنتخاب، ما رأيكم بقانون الانتخاب الجديد؟
ممتاز من حيث إعتماد النظام النسبي. سيء جداً من حيث إلغاء الصوت التفضيل الوطني.
لأن الصوت التفضيلي على مستوى القضاء؟
القضاء يعني صوت تفضيل مذهبي.
صحيح
بغياب الصوت التفضيلي الوطني، نحن نعزز الخطاب السياسي الطائفي المذهبي… يعني العودة إلى القانون الأرثوذوكسي، في حين انه يُفترض بالتكوين اللبناني، كون لبنان شعب واحد، إن الكل يجب أن يحمي الكل وأن يحتمي بالكل وهذه المعادلة تفرض برفض الإستقواء بالخارج على الداخل كما هو حاصل الآن. الآن من يقرر عنا!؟ الشعب اللبناني!! ما علاقة الشعب اللبناني بكل ما يجري.
هل سيكون لكم مشاركة في الانتخابات المقبلة سواء عبر الترشّح شخصيّاً أو من خلال دعم قوى ولوائح مُحددة ؟
طبعاً.
هل ترغب شخصياً في الترشح؟
سأستشير الناس حول أي أمر يؤدي إلى صحة التمثيل السياسي. والعامل الأول صحة التمثيل السياسي لشتى فئات الشعب وأجياله وفعاليات التمثيل. وهي التي نسعى إلى تحقيقها سواء بالترشيح أو بعدمه، سنخوض المعركة حتماً.
هل الأمل أكبر بوجود النسبية ؟
طبعاً.
النظام الاكثري في كل بلدان العالم عندما اعتمد يأتي بثلاثين في المائة من الناخبين إلى صناديق الإقتراع وتصبح المعركة ضمن الثلاثين في المائة، يعني الذي يحوز على ستة عشر بالمائة يأخد كل المقاعد وبالتالي يضاف الأربعة عشر بالمائة الخاسرة إلى السبعين بالمائة المغيّب، نصبح أمام أربعة وثمانون بالمائة لا علاقة لهم بالتمثيل.
حكم الأقلية؟
ديكتاتورية الأقلية.
بينما في النظام النسبي، فوراً ترتفع نسبة المقترعين إلى 70-80 % لماذا؟؟ لأن الكل سيتمثلون… الذي يأخذ خمسين بالمئة من الأصوات، يأخذ خمسين بالمئة من المقاعد وهكذا توّزع المقاعد على كل الفئات. هذا الشرط أساسي في إتفاق الطائف، ثم جيل الشباب، ثمانية عشر سنة، كيف يمكن أن نحمّل من بلغ من العمر ثمانية عشر سنة مسؤولية دون أن نعطيه الحق مقابل هذه المسؤولية، من جهة نعتبره قاصر نمنعه من حقه في الإنتخاب ومن جهة نعتبره بالغ نحمّله كامل المسؤولية!
تخفيض سن الإقتراع ؟
طبعاً
إذاً سن الثامنة عشر تبعاً للحق الشرعي، هو عندما يبلغ الثامنة عشر يملك حق التصرف وعليه المسؤولية.
في إيران، سن الإنتخاب هو خمسة عشر سنة؟؟
لا، ثمانية عشر، الزواج خمسة عشر.
كيف نظرتم إلى التحركات الشبابيّة التي أُطلق عليها إسم “الحراك المدني” والتي سعت إلى إسقاط النظام السياسي؟
ساندتها منذ اللحظة الأولى.
سعت إلى إسقاط النظام السياسي، ألم ترفع سقف مطالبها؟؟
بالعكس، والذي يعتقد بأنه إستطاع إجهاض الحراك هو مُخطئ. لسبب، أن بعد الحراك وبعد ما قيل أنه أحبط، جرت الإنتخابات البلدية، ماذا حصل؟؟؟ ظهر ضعف الفئة الحاكمة بكامل أحزابها التي لم يؤيدها أكثر من 8 ونصف % من الناس وسقوطها ظهر مع الإنتخابات البلدية.
دولة الرئيس أليس ممكناً أن تكشف الإنتخابات النيابية هذه النتائج بشكل أوضح، حيث تأخذ العائلية حيّزاً مُهمّاً في الإنتخابات البلدية والإختيارية؟
بالعكس، أنا تدخلت فقط في مدينة بيروت، دعيت الناس إلى تأييد بيروت مدينتي ورأينا كيف أن لائحة من شباب وشابات المجتمع المدني استطاعوا بفترة قصيرة جداً أن يظهروا كقوى تمثيلية أكثر من السلطة الحاكمة.
هل هناك أمل دولة الرئيس؟؟ هل من إمكانية؟
طبعاً طبعاً.
برأيك دولة الرئيس، ما سر قوّة هذا النظام السياسي الذي لا يهتز مهما عظُمت مشاكله ونتائجها التي تأخذ في كثيرٍ من الأحيان طابع الكارثة؟
هذا ليس نظام، النظام لم يطبّق.
هي كما سميتها قوى الأمر الواقع؟
كان لي مأخذ على الشعارات الأولى: ” الشعب يريد إسقاط النظام ” هذا غير صحيح، لأن الشعب يريد تطبيق النظام، لأن الذين يستلمون السلطة هم يتسلطون على النظام، يتسلطون على الناس ولا علاقة لهم بشرعية النظام، فالنظام الجمهوري الديمقراطي البرلماني الذي يقوم على الفصل بين السلطات هو النظام الملائم للبنان وأي شيء آخر يعني كبت الحريات ، ويعني أكل حقوق الناس وتضييع مستقبل الناس. الآن أكثر من 60% من شبابنا وشاباتنا أصبحوا في الخارج، ماذا ننتظر؟ لا… الآمال كبيرة بتغيير قوى الأمر الواقع.
هل ترى أن الضغط من داخل النظام مجدي أكثر من الخارج، أي من الحراك المدني ؟
الخارج والداخل نفس الشيء، يجب أن نعتمد الداخل والخارج، خارج بمعنى الخارج المحلي.
دولة الرئيس ، هل توافق على اعتبار أن أحد أسباب قصور الحراك المدني هو طريقة إدارته من قبل بعض الهيئات المُكوّنة له؟
ممكن، ممكن. عبّرت أنا عن هذا الشيء وقتها وقلت أنه كان من المفترض أن يكون هناك تنسيق بين الاطراف، للأسف أصبح هناك ترشيحات مضادة للفكرة، لفكرة التغيير. لبنان بلا حرية لا يستطيع أن يبقى. علّة وجود لبنان الحرية، وعلّة وجود لبنان هذا العيش المشترك، وبالتالي النظام الذي يعبر عن صورة ومثال لبنان هو النظام الجمهوري الديمقراطي البرلماني بكل ما للكلمة من معنى.
الذي يمنع هذا النظام وهذه الدولة التي نرغب بقيامها وببنائها، هو مصلحة قوى الأمر الواقع التي أطلقت حضرتك عليهم هذه التسمية، أم مصلحة الجهات التي تتبع لها هذه القوى؟
هم جعلوا من مجلس النواب قطعاناً عند بعض الزعماء، وجعلوا من الزعماء قطعاناً عند الآخرين. هذا هو واقعنا، يعني فكرة إستقواء الخارج على الداخل فكرة مدمرة سواء في لبنان أو غير لبنان.
هل ترى أن هذه الفكرة هي السبب في عدم تطبيق اتفاق الطائف، وبالتالي عدم قيام الدولة؟
طبعاً.
الخارج بالدرجة الأولى وأتباعه في الداخل؟
طبعاً، لأن هؤلاء، قوى الأمر الواقع الناتجة عن ميليشيات الحرب، لا تزال متسلطة على إرادة الناس وسالبةً حريّتهم، ما قيمة العيش المشترك؟ له تعريف.. بكل الأعمال التحضيرية التي قمنا بها هناك تعريف لأربع مسلمات: المسلمة الأولى الحرية والتي تعني لبنان، بدون حرية لا وجود لشيء إسمه لبنان وليس له أي دور أبداً. المسلّمة الثانية هي المساواة، أي مجتمع يمكن أي يعيش أو يستمر من دون مساواة بين المواطنين؟ المسلمة الثالثة هي العيش الكريم، فبدون تأمين العيش الكريم كيف يمكننا الطلب من أي مواطن أن يذهب للإنتخاب بحرية؟! (عم يجروه من معدته). والمسلمة الرابعة هي التكافل والتضامن، بدون وحدة وطنية كيف يمكننا ادعاء السيادة والإستقلال، كيف؟ إذاً هذه المسلمات الأربع هي المقدسات. لذلك نقول بأنّ الوحدة والعيش المشترك هما المقياس والمعيار على صحة أو عدم صحة أي عمل من أعمالنا. يمكن لأي مواطن أن يحكم على تصرف أي جهة من خلال هذه المقدسات التي تتعلق بوجودنا وبقائنا واستمراريتنا.
سؤالي الاخير دولة الرئيس، كيف ترى وضع الشباب في لبنان، بعد أن أصبح هذا الوطن ليس منفىً للأحلام فقط بل للحقوق أيضاً؟
هذا تعبير عن إرادتنا، يجب أن نتصلب لجهة التعبير عن إرادتنا، ويجب أن لا نخضع للحرب الحقيقية المخاضة أو المشروعة ضدنا والتي هي حرب التيئيس (هيدول قاعدين ما رح يزيحوا وما في أمل) هذه حرب تييئيس خاصة عندما نقبل بفكرة “هؤلاء باقون”، هؤلاء عاجزون، هؤلاء محتلّون للدوائر الحكومية وغير قادرين على القيام بمسؤلياتهم، هذه أزمة النفايات، هل هم قادرون على حلّ أزمة النفايات؟ هل قادرون على حل أزمة الدين العام الذي أصبح مئة وعشرين مليار دولار؟ هل هم قادرون على حلّ موضوع السلاح؟ هل السلاح فقط لدى حزب الله؟ هو موجود لدى كل الناس. كيف يمكننا نزع السلاح؟ بقيام الدولة طبعاً…
الآن عندما نقول لهم سلموا أسلحتكم، لمن سيسلّموا هذه الأسلحة؟ للدولة؟ أين هي الدولة؟ إذا لم تصدر القوانين الخمسة التي ذكرتها سابقاً لا وجود لدولة. وكذلك الأمر بالنسبة للسلطة القضائية المستقلة، من هو القادر على ان يوظف عندنا ليرة بدون سلطة قضائية مستقلة؟. الآن لدينا 80 مليار دولار ودائع غير قابلة للتوظيف في لبنان، فتم توظيف هذه الودائع خارجاً. لبنان مؤتمن على الودائع لأن نظامه حر وإقتصاده حر، ولكنه غير مؤتمن على توظيفها لديه. إذاً حرب التيئيس التي ما زالوا يخوضونها ضد الناس، هذه التي نريد مواجهتها. جميعنا كنا في وضع العزّل، ليس لدينا لا سلاح ولا مال. وقفنا في وجههم واستطعنا أن نتغلب عليهم بفترة طويلة وعريضة، بدليل إتفاق الطائف.
ما زالوا منذ 1991 لليوم، هل استطاعوا أن يقوموا بأمرٍ مفيد؟ إطلاقاً، هم متسلطين فقط وعاجزين في الوقت عينه.
الوضع أسوأ من 92 ؟
عجز مطبق.
كالعادة الشباب ضحية هذا الفساد، أليس كذلك؟
لا، إتكالنا على الشباب .. الحراك ماذا؟ الحراك شباب.
هذه دعوة للتغيير وليست دعوة لليأس. لن أقبل أن يتملكني اليأس على حساب الناس، لأنني لا امتلك الحق ببث اليأس في نفوس الناس. الطريق صعبة أمامنا، نعم صعبة ولكن لا يوجد خيار آخر. ما الخيار الآخر غير إقامة الدولة المدنية؟ لا يوجد خيار آخر. وأعطيتكم مثل الطائفية السياسية في الوظيفة. لقد نص إتفاق الطائف على إلغاء طائفية الوظيفة وطائفية الموظف باستثناء موظفي الفئة الأولى وبمرحلة انتقالية. ما الذي حدث؟ في اجتماع بين ثلاثة أشخاص: رئيس الجمهورية ورئيس المجلس النيابي ورئيس الحكومة وأنا قلتها في المجلس، اجتمعوا وقرروا تجاوز الدستور وتجاوز إتفاق الطائف والإبقاء على طائفية الوظيفة والموظف، بل على مذهبيته، أي أتعس من الأول. انتقلنا من الطائفية إلى المذهبية. (ع السكين يا بطيخ مش بقاموسنا أبداً).