في زحمة تقاسم الحصص والتسابق على المكاسب وتفضيل المصالح الفئوية الخاصة بكل مجموعة سياسية مُشاركة في الحكم على حساب المصلحة العامة المُشتركة لجميع المواطنين، يُصبح طبيعياً ارتفاع الأصوات المُتسائلة عن دور المواطن في جميع ما يحدث؟ وأسباب رضوخه للأمر الواقع وقبوله باستمرار دورانه في هذه الدوامة التي تُهدَر فيها حقوقه الأساسيّة والطبيعية في وطنه.
ورغم وجود أصوات كثيرة ترفض وتُواجه وتسعى إلى التغيير وتشكّل أحياناً ضغطاً حقيقياً على أقطاب السلطة السياسية في لبنان، غير أنّ هذه الأصوات بقيت إلى حدٍ بعيد ما دون المُرتَجَى، تنتظر من يستقبل صدى صرخاتها ليحمله معها ويُوسِّع دائرة الاحتجاج في مواجهة الهدر والفساد الذي يأكلجسد الوطن.
قد يحتجُّ البعض بأنّ المواطن اللبناني مُحبط ولا يتأمل تغييراً، وبأنه أسير المجتمع الطائفي الذي يعيشه، والذي يجعله مُرتبطاً ارتباطاً عاطفياً ومَصلحياً بزعيمه المُكرَّس صلة الوصل بينه وبين دولته، وهذه التبعية تحرمه من حقوقه الأساسية التي يجب أن يحصل عليها من الدولة باعتباره مواطناً، غير أنّ هذا الاحتجاج لا يمكن أن يُبرر تغاضي المواطن المُستمر عن المطالبة بحقوقه الأساسيّة، وتحديداً عنصر الشباب الذي من المفترض أن تنطلق عبره مسيرة تطوير مجتمعه نحو الأفضل للتغيير.
إنّ القوى المدنيّة الناشطة في لبنان التي تسعى إلى التغيير، ومنها التي تسعى قريباً إلى خوض غمار الانتخابات النيابية، مُطالبة بتطوير وسائل التواصل مع الشباب اللبناني والإضاءة على حقوقه المَسلوبة وعلى وسائل المواجهة المُمكِنة في سبيل تطوير نظامنا وتحسين واقعنا المعيشي والحياتي.
يبقى أن نتأمل تطوّرالمفاهيم ونُضج الوعي في مجتمعاتنا، كي نتخلص من واقع عبّر عنه يوماً المُفكر أديب إسحق في مقولته: “قضى على الشرق جهل عامته، واستبداد خاصته، وتعصب رُؤسائِه”!