مقابلة “تواصل مدني” مع النقابي حنا غريب 9/2014

0

مقابلة مع الناشط النقابي حنا غريب

أجرت المقابلة ميرنا لوند

رابط نشرة تواصل مدني Tawasol Madani 10

تصوير خالد عياد

حنا غريب.. إسم إرتبط بهيئة التنسيق النقابية وبالعـمـل الـنـضــالـي وبالتحركات المطلبية في السنوات الأخيرة، حيث قدّم نموذجاً للناشط النقابي الذي ساهم مع رفاق له في ضخّ الحياة في الساحة العمالية. عُرِف غريب بتسليطه الضوء على موضوع الفساد وربطه أسباب أزمات العمال بالواقع الطائفي.

التقت أسرة تحرير “تواصل مدني” حنا غريب وأجرت معه هذه المُقابلة:

◙ كيف تُعرِّف النظام اللبناني؟ هو نظام طائفي يحتاج دائما إلى قرابين من الدماء ليظل على قيد الحياة، وكأننا نعيش في بلد حُكّامه ألهة نعبدها ونضطر أن نخضع لها ونُقدِّم لها أولادنا، كما أيام الوثنيين حين كانوا يُقدمون الأضحية، وهكذا نحن بالنسبة للنظام اللبناني.

◙ الدولة اليوم عاجزة وأسيرة الضياع لا تملك الحل، لا في موضوع السلسلة ولا في تأمين المياه أو الكهرباء للمواطنين أو في غيرها من المسائل، فهل أصبح النظام اللبناني آيلاً للسقوط أم إنه يملك مناعة تُحصِّنُه؟ يعاني النظام من الأزمات بإستمرار، وفي كل مرحلة زمنية نجد حياة هذا النظام ترتبط بالتسويات وفق مبدأ المُحاصصة الطائفية التي تخدم حياته فترات وجيزة ومحدودة. فمنذ قيام دولة لبنان الكبير إلى الآن أي منذ أعوام 1943 و1958 و1975 مُروراً بالطائف وصولاُ إلى الدوحة، نرى أن من المستحيل أن يجري نوع من توازن له صفة الديمومة والحياة من دون أي تحالفات طائفية. كما من المستحيل تحالف طائفتين أو ثلاث لبناء وطن أو لإنشاء مرجعية وطنية في البلاد. فبالإمكان أن يعمل زعيم على المستوى العالمي مثل رفيق الحريري و نصرالله ولكنه يبقى زعيم طائفة ومذهب في لبنان، فتظل وحدة البلد وحدة شكلية مؤلفة من كيانات طائفية مذهبية تستخدم رعاياها لتجدد بإستمرار سلطاتها ولو على حساب الأرواح والدماء.

◙ ما هي برأيك انعكاسات استمرار النظام على ما هو عليه اليوم؟ أي تغيير قد حصل هو نحو الأسوأ، لماذا؟! … لأننا كنا رهائن حالة طائفية وأصبحنا رهائن حالة مذهبية. لقد  تحولت الطائفة إلى حزب وعُمِّقت بالسلوك ونمط الحياة والفرز الديموغرافي المذهبي مَصحوباً على صعيد التربية والإعلام والمستشفيات والتوظيف والمعونات بزعيم الطائفة والذي شكل حالة إرهاب وجودي لهم في حال عدم التبعية له. فحماية المواطن هنا تؤمنها الطائفة والسياسيين الذين حوّلوا الدولة إلى بقرة حلوب لتنفيع المحاسيب.

◙ اليوم يتجرّأ نواب المجلس مرة جديدة على طرح موضوع التمديد لأنفسهم. كيف تفسر هذا الطرح؟ وما هي مخاطر وأبعاد ذلك؟ طالما لا يوجد حراك شعبي يقف بوجه هذه الطبقة الحاكمة فمن الطبيعي أن تستمر الحالة على ما هي عليه. فمواجهة المحرمات شبه معدومة. وهنا يكمن الخطر فـ”عنتر تعنتر عندما لم يجد من يردعه”.

◙ نظام عاجز أمام الفساد، وحيال كل الفضائح والسرقات لم يُحاسَب أي مسؤول، بل ما زال مبدأ المحاسبة في حالة غيبوبة قاتلة. كيف يمكن إنعاشه وتفعيل مُحاسبة من هم في السلطة؟ الفساد في البلد هو فساد سياسي بالدرجة الأولى لأن الفاسدين هم مَن في الطبقة السياسية. ويعود ذلك الفساد إلى نوعية الحكم الطائفي القائم على المحاصصة. فالمرشحون للوظائف لا يُختارون على أساس الجدارة والكفاءة إنما على أساس طائفي. وهذا الفعل هو بحد ذاته فساد. ناهيك عن المحاصصات في إدارات الدولة عبر تقسيمات دوائرها ومرافئها حسب الطوائف. فالموظف في الإدارة العامة يحظى بغطاء سياسي طمعاُ بما يسمى بالـ “كوميشن”. والمحاسبة هنا مطلوبة، وهنا يجب على المجتمع المدني أن يُضاعف جهوده أكثر فأكثر ويقوم بالمواجهة ويطرح القضايا بِسَقف عالٍ، ولكن المهم أن تكون الجهة التي تطرح القضايا هي موضع ثقة.

◙ ما السبب الكامن برأي حنا غريب وراء غض الدولة نظرها عن التحركات المطلبية الشعبية؟ قبل التطرق إلى مدى قصور الدولة تجاه مطالب شعبها، هناك قصور جِد مُريب على صعيد العمل النقابي. كما أن قيادة الاتحاد العمالي العام إرتُهنت وقرارها صُودر. فالإتحادات العمالية عملت 60 عاماً منذ قيامها وتأسيسها وترسيخ وضعها حتى أتى عبدالله الأمين بليلة ليس فيها ضوء قمر ففرغ عدة اتحادات وقام بإدخالها الى الاتحاد العمالي العام وصادر القرار. بالتالي كان مشروع الدولة آنذاك ضرب الاتحاد لضرب المطالب الشعبية كي لا تؤرق نومها.

◙ نجد الناس تارة يشتُمون الساسة وعند كل مفصل إنتخابي نراهم يصطفون و يُجددون ولاءهم لهم. ما تفسير ذلك برأيك؟ الشعب اللبناني بالتأكيد يُعاني من إنفصام سياسي، ليس لشيء سوى أنه لا يملك الأمن والأمان الاجتماعيين سوى في أحضان زعيم الطائفة. فالعمل للخروج عن التبعية له هو عمل انتحاري بالنسبة إليه والقلائل هم الذين يقومون بذلك. كما أن هنالك غياب للقطب البديل – الديمقراطي الوطني.

◙ رغم كل المساوئ التي عصفت وما زالت تعصف بهذا البلد الصغير، إلا أنه يبقى أمل التغيير موجود. كيف يبدأ التغيير؟ وما هي الأرضية التي يجب أن ينطلق منها؟ وما هي الخطوات اللازمة لتحقيقه؟ أفق التغيير هو سياسي بالدرجة الاولى، وبالتأكيد على الأرضية الحزبية. فالحزب هو الذي يضع برنامج للتغيير بالتوازي مع هيئات المجتمع المدني والنقابات و الأندية والمؤسسات الثقافية، فهي تتكامل مع بعضها البعض لإجراء عملية التغيير، ولكن، حتى يصبح التغيير نافذاً، يجب على الروافد والأنهر المذكورة آنفاً أن تتفق جميعها على برنامج سياسي مُعين واضح المعالم، قادر على استقطاب الناس، يكون بالدرجة الأولى برنامج تقدمي ديمقراطي مَصحُوباً بوعي الحراك الشعبي وبالإصلاح السياسي مِن قانون الانتخاب وتخفيض سن الإقتراع وصولاً إلى الأمن الإجتماعي والخدماتي والمعيشي.

◙ هل تُعوِّل على مُبادرات القوى الشبابية الناشطة خارج اصطفاف 14 و 8 آذار ؟ وهل مِن امكانية للتعاون بين القوى الشبابية والقوى النقابية؟ للأسف التربة غير صالحة، فالحركات الشبابية مُقصِّرة بحق نفسها وبحق الشباب لأنها لا تقوم بطرح مطالب الشباب مباشرة والتحرك من أجلها. فعلى مستوى المشاكل الشبابية والاجتماعية هناك كارثة. فقد أصبح الشباب أكثر انطواءً وطائفية، وانحصرت فرص خياراتهم ضمن بوتقة بنية البيئة السياسية التي وُلدُوا وترعرعُوا فيها، هم يعيشون في جمهورية الخوف. بالتالي هنالك ضرورة لتصويب تحركات هؤلاء الشباب على همومهم كي يصبح أي تعاون أكثر فاعلية.

Share.

About Author

باسل عبدالله - مسؤول تحرير مجلة تواصل مدني

Comments are closed.