العدد 2- مقالة الصفحة 5 – باسل عبدالله: عاش الملك مات الملك
منذ القدم، على مدى العصور وحتى يومنا هذا، كانت ولا تزال فئة من الناس، في المجتمعات كافة تتميز برفع راية القائد أو الملك أو الرئيس الذي يتولى السلطة، وتتبعه بغض النظر عن مبادئه أو مشاريعه، مؤيدة إياه حتى أفول نجمه، لتعود وتتنكر له عند أول إنقلاب عليه، وتسارع إلى مبايعة خلفه.
وقد اختلفت تسمية هذه الفئة من الناس على اختلاف المراحل التاريخية التي مرت بها. المهم أن ما كان يجمعها هو وجودها شبه الضروري لتمثل فئة من يُغلّب مصلحته الخاصة على المصلحة العامة ويهرول لنيل منافع تأتيه من جراء تظاهره لتأييد الزعيم أو المنتصر.
وربما، ما كان يميز هذه الفئة من الناس عن غيرها، هو الشلل الفكري والتوجه إلى مباركة ومبايعة من يحكم، على اعتبار أن ذلك يحفظ لها بقاءها.
وكلما قل عدد هذه الفئة من الناس في مجتمع ما، كلما أعطى هذا دليلاً على الرقي الفكري والثقافي لهذا المجتمع.
وفي المجتمع اللبناني، لا تتوضح صورة هؤلاء، ويصعب تمييزهم داخل الدولة. السبب في هذا ليس الدرجة العالية من الثقافة التي تتمتع بها فئات المجتمع المدني! إنما هو، على عكس ذلك، وبكل بساطة، إرتباط هؤلاء، كل فئة منهم، بمرجعها الديني أو سلطته الطائفية التي ينشؤون في كنفها. فلا يجدون المقدرة على التوجه إلى سلطة واحدة في البلد! لأن البلد تتوزع فيه السلطات على عدد الطوائف، فتبرز دويلات متعددة داخل الدولة. وكل دويلة منها على رأسها زعيم يدفعه حسه الطائفي إلى أن ينفر من زعيم الدويلة الأخرى. فيتأرجح الناس حسب إنتمائهم الطائفي!
لقد كُتب لهذه الفئات أن تبقى متنافرة في هذا الوطن!
ومن هنا، يساهم نظامنا الطائفي إلى حد بعيد، بتقزيم هؤلاء وتشتيتهم في “دويلاتهم”.
ولكن المصيبة تقع، عند اختلاف زعماء هذه الدويلات أو التجمعات الطائفية فيما بينهم! فتخيلوا ما قد يفعله أتباعهم ببعضهم البعض!!! (ملاحظة: الرجاء مراجعة تاريخ الحرب اللبنانية).