الانتخابات الفرعية… الفرصة الضائعة – ريما منصور- عدد 20- تواصل مدني

0

ريما منصور

عند كل استحقاق وآخر يتجددُ النكد السياسي وتفضيل المصالح الشخصية على الالتزام بالمهل القانونية والقواعد الدستورية، وعلى ما يبدو أصبح تهميش مواد الدستور من الأمور المعتادة لدى أهل السلطة، مهما علت الأصوات الرافضة والأصوات الواعدة بعكس ذلك، ولو كنا أيضاً “بعهدٍ جديد” يتوعدُ باحترام وتطبيق الدستور. فبعدَ وضعه على الرّف في التمديد الأول والثاني والثالث للمجلس النيابي، يستمر مجدداً تهميشه في الانتخابات الفرعية، بعد أن شغرت ثلاثة مقاعد نيابية؛ موزعة على الشكل التالي: مقعدين في طرابلس؛ أحدهما مقعد علوي والثاني أرثوذكسي ومقعد ماروني في كسروان، مع انقضاء المهلة المحددة لإجراء الانتخابات الفرعية وفقا لأحكام قانون الانتخاب.

ففي 30 أيار عام 2016 شغر المقعد الأرثوذكسي في طرابلس باستقالة النائب روبير فاضل، وتبعه في 5 كانون الثاني من السنة الجارية شغور المقعد النيابي العلوي بوفاة النائب بدر ونّوس أيضاً عن دائرة طرابلس،كما أنه بتاريخ 31 تشرين الأول شغر مقعد ماروني الذي كان يشغله الرئيس عون في كسروان.

من حيث المبدأ تنص المادة 41 من الدستور على الآتي: «إذا خلا مقعد في المجلس يجب الشروع في انتخاب الخلف في خلال شهرين. ولا تتجاوز نيابة العضو الجديد أجل نيابة العضو القديم الذي يحل محله. أما إذا خلا المقعد في المجلس قبل انتهاء عهد نيابته بأقل من ستة أشهر فلا يعمد إلى انتخاب خلف».

وبناءً عليه، فإنه كان أمام المجلس أكثر من ستة أشهر لانتهاء ولايته، وفي الأساس كانت هذه المقاعد الثلاثة قد شغرت قبل انتهاء ولايته السابقة في 20 حزيران 2017. وبالتالي فإن إجراء الانتخابات الفرعية واجبٌ دستوري كان يجب إتمامه خلال شهرين من شغور تلك المقاعد.

من جهةٍ أخرى يثار الجدل حول النظام الانتخابي الذي سيتم اعتماده في هذه الانتخابات؛ إذ تنص المادة 43 من قانون الانتخاب الجديد على أن الانتخابات تتم وفق النظام الأكثري، فيما تنص الفقرة الرابعة على أن «تجري الانتخابات الفرعية لملء المقعد الشاغر على مستوى الدائرة الصغرة العائد لها هذا المقعد وفقاً لنظام الاقتراع الأكثري على دورة واحدة وتحدد مراكز الاقتراع ضمن هذه الدائرة بقرار من الوزير، أما اذا تخطى الشغور المقعدين في الدائرة الانتخابية الكبرى اعتمد نظام الاقتراع النسبي وفق أحكام هذا القانون» ، أما الفقرة الثامنة فتلزم تطبيق واستثنائياًأحكام القانون 25 تاريخ 8/10/2003 المتعلق بالانتخابات النيابية فيما يخص الاقتراع الأكثري على أحكام هذه المادة بما لا يتعارض وأحكام هذا القانون.

وعلى صعيدٍ آخر، تعيش القوى السياسية حالة من التخبطِ، لاسيما وأن هذه الانتخابات تشكل محطة اختبار حقيقية لقياس موازين القوى وحجمها على الساحة، ما يؤثر حتماً على استحقاق 2018. فالمعركة الانتخابية في طرابلس انطلقت بانقسام حاد بين تيار المستقبل والوزير السابق أشرف ريفي؛ الذي يحاول جاهداً تشكيل حالة شعبية تساعده على خوض الانتخابات النيابية المقبلة. وتجدر الإشارة، إلى أن الساحة الطرابلسية غنية بالأطراف السياسية، فبالإضافة إلى تيار المستقبل وريفي، هناك الكثير من القوى السياسية الطرابلسية الراغبة في الوصول إلى البرلمان عن طريق التحالفات وتشكيل الكتل النيابية. لذلك يصعب الفوز على أي طرف ما لم يكن شريكاً بتحالف مع أطراف أخرى. أما في كسروان فالمعركة قد تكون معركة “كسر عضم” بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية.

إذاً، كان يُفترض في الانتخابات الفرعية لو أنها أُجريت، أن تكون بالنسبة للقوى السياسية بمثابة “بروفا” لاستحقاق أيار 2018 باعتبار أنها كانت ستظهر صورة عن التحالفات التي من شأنها أن تتشكل فيها، رغم حالة الترهل التي تعيشها هذه القوى وخاصة تلك المعنية بالانتخابات. ولو أن السلطة قررت إجراء هذا الاستحقاق في موعده حفظاً للقانون والدستور، لكانت التحضيرات في أعلى مستوياتها استعدادا لهذه المنازلة المبكرة، إلا أن هذه السلطة بمختلف أطيافها، لا تنظر إلى القواعد الدستورية والقانونية إلا باعتبارها أدوات من عدّة السيطرة وتحقيق الاهداف الضيقة واخضاع الخصوم، أما حق الناس في المحاسبة الدورية للسلطة، فليذهب مع الانتخابات الفرعية.

Share.

About Author

باسل عبدالله - مسؤول تحرير مجلة تواصل مدني

Comments are closed.