افتتاحية العدد 24 من مجلة تواصل مدني – د. شبيب دياب

0

التعليم بمختلف مراحله هو الحجر الأساس في التنمية المستدامة، والجامعة اللبنانية كصرح وطني توفِّر فرص التعليم العالي وتساهم في رفع مستوى التعليم. كما أنها تعِدُّ الكوادر الكفؤة المزودة بمهارات رفيعة لترفد بهم الإدارات العامة والخاصة وقطاع التعليم، فتتيح فرص الترقي الاجتماعي لأبناء الشرائح الدنيا والمتوسط في المجتمع.

وإضافة إلى دور الجامعة في نقل المعرفة وإنتاجها، تبنى فيها الثقافة الوطنية الواحدة الموحدة، ويبنى المواطن المنتمي إلى وطنه الملتزم قضايا شعبه.

إن استعراض تاريخ الجامعة اللبنانية يؤكد أن كل تقدم تمّ في بنائها وتطويرها كان بفعل نضال طلابها وأساتذتها، مدعومين من بعض القوى الوطنية والتقدمية، وكان من أبرز الإنجازات إنشاء الاتحاد الوطني لطلاب الجامعة اللبنانية، ورابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية. وتكريس مبدأ مشاركة الأساتذة والطلاب في إدارة جامعتهم عبر المجالس الأكاديمية.

لعب الاتحاد الوطني لطلاب الجامعة اللبنانية دوراً هاماً في سبعينات القرن الماضي، واستطاع أن يحقق مكتسبات هامة؛ أبرزها استحداث الكليات التطبيقية التي تلبي بخرّجيها حاجات سوق العمل، وتأمين منح وطنية لغير الميسورين من الطلاب، وأخرى للمتفوقين منهم لمتابعة تحصيلهم العالي في الخارج. وبدأ دور الاتحاد الوطني بالتراجع عندما دخلت البلاد في الحرب الأهلية وتم تفريع الجامعة، واقتصر بعدها دور الحركة الطلابية على مكاتب في الفروع، تؤمن المطبوعات للطلاب.

وإذا كان نضال رابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة قد حقق مكاسب هامة في تأمين الاستقرار الوظيفي والبحثي للأستاذ، وإنشاء صندوق التعاضد، فإنه بشكل مواز كان يطالب بإنشاء المجالس الاكاديمية تعزيزاً لاستقلالية الجامعة، إلا أن اليد السياسية  امتدت إلى الجامعة، فانتزعت صلاحيات مجلسها، وأصبح التعيين لمُدرائها وعُمدائها وفقا لنظام الزبانية السياسية، بعد أن أفرغت أحزاب السلطة قانون تنظيم المجالس من مضمونه، ولم يلبث أن وصل نظام المحاصصة إلى الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة لتصبح خاضعة لتوازنات تتحكم فيها القوى السياسية. وهكذا تم الإطباق على آخر معقل للأساتذة في الدفاع عن استقلالية جامعتهم.

في هذا الجو القاتم هنالك علامات مُضيئة تتمثل في تحرك بعض القوى الطلابية المستقلة عن أحزاب السلطة، والتي بدأت بالتشكل للدفاع عن مصالح الطلاب، فالنوادي الطلابية نشأت نتيجة فراغ وحاجات، أبرزها الدفاع عن الحريات العامة داخل الجامعة اللبنانية.

الجامعة بحاجة إلى إنقاذ، ولا بديل عن نضال طلابها وأساتذتها، إلا إذا تنبّه المسؤولون في الدولة إلى أن التاريخ لن يرحم تخاذلهم في درء المخاطر التي تتعرض لها هذه المؤسسة الوطنية.

Share.

About Author

باسل عبدالله - مسؤول تحرير مجلة تواصل مدني

Comments are closed.